16/ ما قبل الاستخارة
:
يشرع للمسلم قبل
الاستخارة أن يستشير أحبابه ومن يثق من
العلماء والأساتذة وطلاب العلم ، وغيرهم من أهل الخبرة والاختصاص والمعرفة
، قال تعالى مخاطباً نبيه المؤيد بالوحي : ((
وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ )) ، فالاستشارة عين الهداية ، وقد خاطر من
استبّد برأيه .
وفي ذلك قالت العرب : الرجال ثلاثة ؛ فرجل رجل ،
ورجل نصف رجل ، ورجل لا رجل ، فأما الأول
فهو الذي له عقل ويستشير ، وأما الثاني فهو الذي له عقل ولا يستشير ، وأما الثالث
فهو الذي لا عقل له ولا يستشير .
قال عمر بن عبد
العزيز رحمه الله : المشورة والمناظرة بابا رحمة ، ومفتاح بركة ، لا يضل معهما راي
، ولا يفقد معهما حزم .
وقال الفضيل :
المشورة فيها بركة ، وإني لأستشير هذه الحبشية الأعجمية .. يعني جاريته .
وقال بعض الحكماء : المشورة مع السداد ،
والسخافة مع الاستبداد .
وورد في الأثر : لا
خاب من استخار ، ولا ندم من استشار .
وجاء في منثور الحكم : من شاور الناس شاركهم في
عقولهم .
ومما قاله الشعراء :
شاور سواك إذا نابتك
نائبةٌ يوماً وإن كنتَ من أهل
المشوراتِ
فالعينُ تنظُرُ منها
ما دنا ونأى ولا ترى نفسَها إلا بمرآةِ
وقال آخر :
لا تستشرْ غيرَ ندبٍ
حازمٍ فطنٍ قد استوى منه إسرارٌ
وإعلانٌ
فللتدابير فرسانٌ إذا
ركضوا فيها أبَرُّوا كما للحربِ
فرسانٌ
وبعد ؛ أخي المسلم .. أختي المسلمة
فإن الاستخارة هي
خطوة أساسية في طريق النجاح ؛ بل التوفيق والفلاح في الدنيا والآخرة بإذن الله ،
ولكن لا بد معها – إن لزم الأمر – من
خطوات أُخَر من تخطيط وتنظيم واستشارة ، واستفادة من تجارب الآخرين ، وفعل ما يمكن
فعله من الأسباب الشرعية المباحة دون حاجة إلى التعلق بالمخلوقين .
فإذا صدق العبد في
استخارته وتوكله على الله ؛ يسّر الله له جميع الأسباب ، وفتح له جميع الأبواب ،
وكلما أغلق في وجهه باب فُتح له باب آخر حتى يصل إلى ما قدَّره الله له من خير .
ذلك فضل الله يؤتيه
من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .
أخي المسلم
..
عليك الاستخارة في
الأمور كلها ...
أخي التاجر
: قبل أن توقّع عقداً ، أو تعقد صفقة ، أو تفتح محلاً ، أو تستقدم عمَّالاً ، أو
تنشيء مشروعاً ... عليك بالاستخارة .
أخي الموظف : قبل أن
تتقدم إلى وظيفة أو تنتقل إلى أخرى ، أو تشك في عملك ولا تدري بقاؤك فيه خير أم لا
... فعليك بالاستخارة .
أخي الطبيب : قبل أن
تتخصص في قسم من الأقسام أو تنتقل من مستشفى إلى آخر ، أو تفتح عيادة ، أو تجري
عملية ، أو تصف دواءً تخشى ضرره ... فعليك بالاستخارة ..
أخي المريض
: قبل أن تدخل مستشفى ، أو تُجري عملية ، أو تخلع سناً ، أو تقطع عضواً ، أو
تستعمل دواءً تخشى ضرره ، أو تسافر لعلاج
ونحوه .. فعليك بالاستخارة .
أخي الأب المسلم
: قبل أن تشتري بيتاً أو آلة أو جهازاً ، أو تنتقل من بيت إلى آخر ، أو تستقدم
سائقاً أو خادمةً ، أو تشتري لابنك سيارة ، أو تسافر بأهلك وأولادك في سياحة أو
نزهة .. فعليك بالاستخارة .
أختي المسلمة
: قبل أن تخرجي من بيتك لغير ما حاجة ضرورية أو تركبي مع سائق أجنبي عنكِ – ولو مع
مجموعة من النساء – ([1])
أو تفكري في العمل خارج المنزل في أي وظيفة من
الوظائف النسائية المباحة ، أو تذهبي إلى سوق أو حديقة أو صديقة ، أو وليمة أو عرس
، أو تشتري مصاغاً أو فستاناً أو تفصّليه بمختلف الأثمان ، أو تقدمي على زواج ، او
تسخدمي مانعاً من موانع الحمل ولو برضا زوجك .. فعليك بالاستخارة .
أخي الشاب المسلم
: قبل أن تسافر إلى بلد من البلدان لدراسة
أو عمل أو سياحة أو غير ذلك ، أو تشتري سيارة ، أو تتقدم لخطبة ، أو تهم بأي أمر
من الأمور .. فعليك بالاستخارة .
أخي الطالب
: قبل أن تسجل في مدرسة أو تلتحق بجامعة أو كلية ، أو تنتقل منها إلى أخرى ، أو
تسجل في قسم من الأقسام ، أو جماعة مدرسية أو رحلة ، أو تفكر في ترك الدارسة لأي
سبب من الأسباب .. فعليك بالاستخارة .
خاتمة المطاف :
اعلم – أخي المسلم –
حفظك الله أنك إن عملت بما أخبرتك به ، وصدقت مع الله عز وجل ؛ فإنك ستشهد من عظيم
قدرة الله عز وجل وسعة علمه ورحمته ما لا يخطر لك على بال ، وحينئذ لن تتمالك نفسك
قائلاً من أعماق قلبك :
أشهد أنْ لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ، ما شاء الله
كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
[1] -
لا يجوز للمرأة المسلمة أن تركب مع سائق أجنبي عنها منفردة ولو كان السائق مأموناً
، ولا مع مجموعة من النساء إذا كان السائق غير مأمون ، وهذا الشرط قد تساهل به
كثير من الناس ، قال الشاعر :
لا تأمننَّ
على النساء ولو أخاً ما في
الرجال على النساء أمينُ
إن الأمينَ وإن تحفَّظ
جهده لا بُدَّ أنَّ بِنظرةٍ سيخونُ
وقد يحتجُّ بعضهم بالضرورة
فنقول : ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ،
ويرزقه من حيث لا يحتسب .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire